الضغط المرتفع قاتل صامت فاحذره

الضغط المرتفع قاتل صامت فاحذره

يعتبر ضغط الدم المرتفع من الامراض الصامتة سريرياً والتي لا تتظاهر الا بحدوث احدى مضاعفاته او لدى الفحص الدوري، ونظراً لخطورة هذا المرض على الجسم وبشكل خاص على الاعضاء الحيوية،

النبيلة كالقلب والدماغ والكلية وغيرها، لهذا فقدت عمدت الهيئات الصحية ومن بينها وزارة الصحة بالدولة الى تطبيق برامج وطنية للوقاية من هذا المرض القاتل الصامت.يحدث ارتفاع ضغط الدم نتيجة تفاعل الاستعداد الوراثي او العوامل الوراثية مع العوامل البيئية، وكثيراً ما يلعب الشق البيئي واسلوب المعيشة والغذاء الخاطئ دوراً مهماً في حدوث المرض وتقدمه وازدياد شدته خاصة مع تقدم العمر. ونظراً لأنه في المرحلة الحالية من التقدم العلمي لا يمكن عمل الكثير بخصوص العوامل الوراثية لذلك اتجهت الانظار الى التركيز على بحث دور العوامل البيئية المحيطة بالانسان وطريقة معيشته وحركته وعمله وشرابه وطعامه والجو المحيط به. هذا بالاضافة الى انه تبين ان هذا المرض ليس بالضرورة ان يكون مصاحباً لتقدم السن. وقد اشارت الدراسات الوبائية والسكانية التي اجريت على عينات مختلفة من الافراد الاصحاء والمرضى في المناطق الجغرافية المختلفة من العالم وعلى اجناس مختلفة وتحت ظروف بيئية متباينة اشارت الى وجود تباين في معدلات الاصابة بهذا المرض بين المجتمعات المختلفة وبين الافراد الذين يعيشون في نفس المكان. ومن الدراسات الشيقة وجود تغير في مستوى ضغط الدم وارتفاعه عند الهجرة من الريف الى الحضر او الانتقال من الاماكن النائية الى الاماكن الاكثر ازدحاماً وان الفقر والتكدس وافتقاد دفء الاسرة وحماية العائلة الكبيرة بالاضافة الى العادات الغذائية السيئة واكتساب الميول العدوانية كل هذا يؤدي الى ازدياد معدلات الاصابة بارتفاع ضغط الدم.

الضغط الطبيعي يتراوح الضغط الطبيعي بين 130-139 ملم زئبقي للضغط الانقباضي او الاعظمي وبين 85-89 ملم زئبقي للضغط الانبساطي او الاصغري، وبالطبع تختلف هذه القيم من شخص لآخر، تبعاً للوزن ونمط الشخصية والعمر وعوامل اخرى كالوراثة وقلة الحركة والعرق ونمط حياة الشخص بشكل عام. ونظراً لأن مرض ارتفاع ضغط الدم من الامراض واسعة الانتشار وان العلاج يستمر سنين طويلة وفي الغالب طوال عمر المريض فإن تحديد العوامل البيئية المؤدية الى حدوث المرض والعمل على تجنبها من الاهمية بمكان للوقاية والحد من انتشار المرض وشدته وخفض معدلات استهلاك الدواء.

طرق الوقاية لمنع حدوث احد الامراض او لمنع تطوره توجد اكثر من سياسة وقائية ولكن في البداية يجب معرفة مجموعة الافراد الموجه اليهم البرنامج الوقائي، فهناك نوعان من السياسة الوقائية، النوع الاول سياسة عامة موجه الى جميع افراد المجتمع، والنوع الثاني موجه الى الافراد الاكثر عرضة من غيرهم الى الاصابة بهذا المرض والاكثر عرضة الى حدوث مضاعفاته الخطيرة، والنوع الاول من الاسلوب الوقائي الذي يشمل جميع افراد الامة يعتمد على زيادة الوعي الصحي واتباع الارشادات العامة مثل تطعيم الاطفال والعادات الصحية السليمة، اما النوع الثاني فلابد ان يكون اكثر تحديداً وجدية وتخصيصاً كما لابد من الاشارة ان كلا الاسلوبين مطلوب وانهما يكملان بعضهما البعض.

التحكم في الوزن تشير معظم الدراسات الى ان السمنة المفرطة تزيد بحوالي مرتين الى ست مرات معدلات الاصابة بارتفاع ضغط الدم ويمكن حسبان الوزن الزائد بطريقة دقيقة عن طريق معادلة خاصة تحتوي على الوزن والطول وتعرف باسم مقياس كتلة الجسم وهي عبارة عن الوزن بالكيلوغرامات مقسوماً على الطول بالامتار المربعة وان زيادة هذا المقياس على 30 كغم للمتر المربع يمثل سمنة مفرطة يصحبها زيادة في معدلات الاصابة بأمراض الشرايين التاجية وارتفاع ضغط الدم، وان حوالي عشرين الى ثلاثين في المئة من حالات الضغط المرتفع تلعب زيادة الوزن دوراً رئيسياً كأحد مسبباتها، تشير التجارب في برامج مكافحة ارتفاع ضغط الدم والتي استمرت خمس سنوات الى ان كل نقص في الوزن بمقدار اثنين وربع كغم يتبعه انخفاض في الضغط السيستولي 1.3 مم زئبق والدياستولي 1.2مم زئبق وعلى الرغم ان هذه التغيرات في ضغط الدم قد تبدو طفيفة الى ان التجارب في هذه الدراسة على مدى خمس سنوات اشارت الى انخفاض معدلات الاصابة بارتفاع ضغط الدم بحوالي خمسين في المئة، وفي اكبر دراسة للوقاية من ارتفاع الضغط على 564 شخصاً والتي استغرقت 18 شهراً تبين ان انقاص الوزن بمقدار اربعة كيلوغرامات يتبعه انخفاض في الضغط الانقباضي 2.9 مم زئبق الانبساطي 2.3 مم زئبق وان درجة انخفاض الضغط مرتبطة بمقدار درجة انقاص الوزن وان خفض الوزن بحوالي 12 كغم يؤدي الى انخفاض الضغط السيستولي 21 مم زئبق والدياستولي 13 مم زئبق.

الاقلال من الملح يتراوح المعدل اليومي لاستهلاك ملح الطعام في غالبية المجتمعات بين 6-12 غراماً من الملح (2.5-5 غرامات من الصوديوم) ويبدو ان هذا الغذاء يزيد كثيراً عن احتياجات جسم الانسان ومتطلباته من ملح الطعام ويزيد بمقدار كبير عما يستهلكه الافراد في المجتمعات البدائية المنعزلة وتشير الدراسات الميدانية ومقارنة معدلات استهلاك ملح الطعام وارتفاع ضغط الدم بين البلدان المختلفة ان فارق 2.5 غرام من الصوديوم يومياً يصحبه فارق بحوالي 10 مم من الزئبق في الضغط السيستولي عند سن 60-69 سنة. وتدل الابحاث ان هناك بعض الافراد اكثر تأثراً من غيرهم بملح الطعام حيث تزداد حساسية ضغط الدم لديهم للملح فيرتفع وينخفض بدرجات كبيرة مع تغير كمية الملح في الطعام وهذه المجموعة تشمل المسنين والافراد ذوي البشرة السوداء ومرضى السكري. وقد ثبت ان مجرد عدم اضافة ملح للطعام على المائدة قد تؤدي الى انقاص الضغط الانبساطي 7 مم زئبق، يجب مراعاة ان المصدر الرئيسي للملح في الطعام يوجد في المعلبات والاغذية المحفوظة والمجمدة والمأكولات الجاهزة سريعة الاعداد خارج المنزل (مثل البيتزا) وفي الجبن والاطعمة المدخنة.

الرياضة البدنية والحركة يؤدي المجهود العضلي والحركة الى انخفاض في ضغط الدم وقد اثبتت الدراسات وجود علاقة عكسية بين مستوى ضغط الدم وبين النشاط الجسماني للفرد خاصة ممارسة الرياضة والحركة اثناء العمل اليومي وفي عطلة نهاية الاسبوع وان نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم اقل في الافراد الاكثر نشاطاً وان الضغط الانقباضي يقل بحوالي عشرة مم زئبق في الافراد ذوي اللياقة البدنية المتميزة (باختبار سرعة النبض لديهم مع المجهود العضلي حيث يكون اقل سرعة في الافراد الرياضيين) وان هذا الفارق في الضغط الانقباضي بدا بعد فترة 32 عاماً من المتابعة عند مقارنتهم بالافراد الأقل لياقة.

ويحدث المجهود الجسماني تأثيره الخافض للضغط عن طريق التخلص من الوزن الزائد والاقلال من نشاط الجهاز العصبي الودي والحساسية للانسولين او حدوث تغير في املاح الجسم والمنعكسات العصبية ومكونات الاوعية الدموية وقد دلت اكثر من ثلاثين دراسة على فائدة النشاط الجسماني في انخفاض ضغط الدم وان معدل انخفاض كل من الضغط الانقباضي والانبساطي يتراوح بين 6 و7 مم زئبق وان هذا الانخفاض في الضغط ليس له علاقة بنقص الوزن وفي بعض الدراسات حدث انخفاض في الضغط على الرغم من زيادة الوزن. جميع انواع النشاط الجسماني الرياضي تؤدي الى خفض الضغط ويكون اكثر فاعلية اذا كانت الممارسة يومياً وليست 3 مرات في الاسبوع وان المجهود المعتدل (40 الى 60 في المئة من اقصى استهلاك للاكسجين ـ مؤشر المجهود الجسماني) نفس فاعلية المجهود العنيف في خفض ضغط الدم وان المشي السريع لمدة 30-45 دقيقة يومياً تؤدي الى انقاص الضغط.

البوتاسيوم زيادة كمية البوتاسيوم في الطعام قد يكون له اثر مفيد في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم وان عدم تناول البوتاسيوم بكميات كافية يؤدي الى ارتفاع الضغط. لذلك يجب الاهتمام بتناول الاغذية الغنية بعنصر البوتاسيوم مثل الفاكهة والخضروات الطازجة وقد دلت الدراسات الميدانية على وجود علاقة بين نسبة افراز كمية الصوديوم الى البوتاسيوم في البول وضغط الدم، وانه كلما زادت هذه النسبة زاد معدل الضغط ويؤدي تأثير البوتاسيوم في خفض الضغط الى فاعليته في ادرار البول والى تأثيره على الجهاز العصبي الودي وجهاز الرنين ـ انجيوتنسين وقد اثبتت بعض التجارب ان اضافة اقراص البوتاسيوم الى الطعام يؤدي الى انخفاض في ضغط الدم يتراوح بين 3 و5 مم زئبق وان الافراد ذا البشرة السوداء او من اصول زنجية قد يستفيدون اكثر من غيرهم عند زيادة كمية البوتاسيوم اليومية، وقد اثبتت بعض الدراسات ان زيادة تناول البوتاسيوم تقلل من احتياجات مرضى الضغط للأدوية الخافضة للضغط.

زيت السمك تحتوي زيوت الاسماك على نوع خاص من الاحماض الدهنية غير المشبعة يعرف باسم احماض دهنية 3 أوميجا ذات المقدرة على خفض ضغط الدم وتقليل لزوجة الدم وقابليته للتجلط. الكمية المطلوبة من هذه النوعية من الاحماض الدهنية يجب ان تزيد على ثلاث جرامات يومياً من اجل الحصول على تأثيرها الخافظ للضغط.

تغيير النظام الغذائي تناول كميات كبيرة من الفاكهة والخضروات الطازجة وتجنب الدهون الحيوانية خاصة الموجودة في اللبن كامل الدسم وجميع منتجاته. اذ تبين في دراسة حديثة ان تغيير نوعية الغذاء وتناول وجبات غنية بالفاكهة والخضروات وقليلة الدهون الحيوانية ومنتجات الألبان تبين ان هذه النوعية من الغذاء تؤدي الى خفض ضغط الدم خلال فترة اسابيع قليلة ومن الملاحظ ان هذا التغيير في النظام الغذائي يؤدي الى خفض ضغط الدم بدون تغيير يذكر في كمية ملح الطعام او في الوزن وهذه النوعية من الغذاء غنية بأملاح البوتاسيوم والكالسيوم والماغنيسيوم وبالألياف وتحتوي على كميات معتدلة من البروتينات وكميات قليلة من الكوليسترول والدهون خاصة الدهون المشبعة.

الكالسيوم توجد علاقة عكسية بين ما يتناوله الفرد من عنصر الكالسيوم ومستوى ضغط الدم وان نقص الكالسيوم في الغذاء يصحبه زيادة في معدلات الاصابة بالضغط المرتفع على الرغم من أن بعض الدراسات تشير الى فائدة زيادة الكالسيوم في الطعام الا ان الغالبية لم تقدم دليلاً واضحاً على فاعلية اقراص الكالسيوم في خفض ضغط الدم او الوقاية من ضغط الدم المرتفع، ومن ناحية اخرى يجب للمحافظة على الصحة بوجه عام ألا يقل المسموح به من الكالسيوم يومياً عن 800 الى 1200 مجم للأفراد البالغين.

الماغنيسيوم يكثر عنصر الماغنسيوم في مياه الابار المعدنية وتوجد علاقة عكسية بين ما يعرف بعسر الماء وضغط الدم وان نقص كمية عنصر الماغنيسيوم في الطعام يصحبه ارتفاع في ضغط الدم، ولكن لا يوجد حالياً دراسات تدعم فائدة تناول اقراص الماغنيسيوم في الوقاية من ضغط الدم المرتفع.

الاسترخاء تؤدي الانفعالات النفسية الحادة مثل النقاش العنيف والغضب الزائد والخوف والمواجهة المثيرة الى ارتفاع وقتي في ضغط الدم نتيجة زيادة هورمونات الادرينالين والكورتيزون والالدوستيرون وغيرها في الدم لذلك ليس بالمستغرب ان يؤدي القلق النفسي والتوتر العصبي المزمن الى ارتفاع في ضغط الدم.

امتلاك المعرفة نظراً الى ان هذا المرض يعتبر من الامراض المزمنة والخطيرة الا انه يمكن الوقاية منه والحد من مضاعفاته بامتلاك المعرفة الصحية السليمة والرقي بمستوى الوعي الصحي بين افراد المجتمع، والحرص على تغيير نمط الحياة بشكل عام وذلك عن طريق اتباع الارشادات التالية: ـ تجنب التوتر والانفصال واستبداله بالاسترخاء والراحة.

ـ تناول الاغذية المفيدة والامتناع عن الضارة منها.

ـ الاكثار من الحركة بدلاً من الجلوس الطويل في العمل او المنزل.

ـ استشارة الطبيب والحرص على اجراء الفحوص الدورية ومعالجة اي اضطراب والالتزام بارشادات الطبيب التي تحافظ على الصحة وتقي من اخطر الامراض

مشكووووور

حياك الله